إغلاق التلفاز لدى ظهور مشاهد عاطفية

هل إغلاق جهاز التلفاز عند ظهور مشاهد عاطفية يمنع المراهقة من المشاعر؟ الأخصائية الهام تابري تحاول الإجابة على هذا السؤال في هذا المقال
لهفة المراهقين والمراهقات على مشاهدة مسلسلات عاطفية من مميزات تلك المرحلة العمرية. تكثر دعايات تسويق لشركات انتاج هدفها اثارة المراهق العاطفية لتقليدها بعد الحصول عليها.

أسئلة الآباء معظمها في مجال الحرج والخجل من المشاهد العاطفية التلفزيونية وكيفية وقاية المراهقة من سلبياتها خاصة في مسألة التنشئة العربية المحافظة.

السؤال الذي يتكرر في معظم المرات هو:
-إنني لا أطيق أن أسمح لابنتي المراهقة ( جيل 15 عاما) بمشاهدة مسلسلات عاطفية وحلقات رومانسية. إعتدت أن أسرع بانفعال شديد لأقفل الجهاز أو أغير المحطة. ابنتي لا تتقبل تنبيهاتي وتتهمني بالرجعية والتأخر. هي لا تريد أن تفهم بأن مثل تلك البرامج باكر عليها متابعتها وعليها أن تهتم بدروسها وواجباتها. كثيرا ما تحاول إضعاف موقفي بحجة أن جميع البنات التي يصغرنها سنا يتابعن مثل تلك البرامج يوميا. إنني أخاف على ابنتي كثيرا.

أيها الآباء: هيا نتعامل مع الواقع المتغير بموضوعية وتقبل كثيرا ما كشف لي عدد من الآباء عن مسألة قلقهم على ابنتهم المراهقة فالتجأوا إلى خطة تعتيم على أنواع وسائل اعلام مكتوبة ومرئية. هناك من حرّم على نفسه شراء جرائد أسبوعية بحجة أنه في بعض مقالات متطرفة وغير لائقة أو صور نابية وغير أخلاقية يمكن أن تعرض الطفل للزلل أو الانحراف الأخلاقي. أسلوب تربوي مانع لا يعني بأن أطفال ومراهقين هؤلاء العائلات غير معرضين للتعرف والانكشاف على كل ما قد حرّمه البيت إن كان عن طريق الأصحاب، الأقارب، الصدفة...ألخ. فأسلوب التعتيم التربوي لا يمنع الطفل أو المراهق من الانكشاف عليه واستغلاله لضرره لعدم وجود أبوين متفهمين.

المراهقة وخصائص المرحلة العمرية العاطفية الطبيعية التي تمر بها على الآباء معرفة خصائص المرحلة العمرية التي تمر بها المراهقة. المعرفة هي جزء هام من مسألة تحضير الأبوين لحالة جديدة تساعدهما في كيفية التعامل مع تلك المرحلة بأساليب تربوية مناسبة. توقع حدوث تغييرات مرحلية تعفي الأبوان من الدهشة، الاستهجان، والشعور بالقلق...ألخ. كل مرب طبيعي وعاقل عليه أن يعرف عن كل مرحلة عمرية يمر بها أطفاله، يفهم مميزاتها ويتعامل معها على أنها مرحلة انتقالية.

من مميزات خصائص مرحلة المراهقة هي التأثر العاطفي الشديد الذي يدخل المراهقة في حالة من الرومانسية العاطفية. ما يلفت انتباهها ويهمها في تلك المرحلة هي جمع صور لمشاهير متنوعة في العالم، الاستماع للأغاني العاطفية، قراءة قصص حب وغرام، مشاهدة أفلام رومانسية...ألخ.

التفريغ العاطفي المناسب

أكثر ما يساعد المراهقة في تلك المرحلة هو تقبل حالتها المرحلية واحترامها. إن اطمئنان المراهقة لمرجع تربوي محب ونموذج في التفاهم والتعامل من حاجاتها الضرورية لعبور حالتها المرحلية بسلام. كل مقاومة أو قمع للمراهقة يجعل من تراكماتها العاطفية السلبية كما القنبلة الموقوتة. التسلط القاهر يزيد من عدائها المتهور فيجعلها تمركز اهتمامها في كيفية كسر وإغاظة القاهر. عندما يسيطر على المراهقة الانفعال السلبي يفلت منها زمام التعقل والتروي الحكيم . كل وسيلة تربوية يمكن أن تساعد المراهقة على التفريغ العاطفي أو التنفيس تجعل من وزن الضغط أقل وتيار المقاومة أضعف. لذا ينصح في تلك الفترة بالتعاون معها بوسائل تربوية مساعدة، مثل: تقديم كتاب جميل لها يحكي قصة رومانسية عن بطلة بجيلها، إهدائها دفتر مذكرات مزخرف لكتابة خواطر ملحة آنية، شراء شريط غنائي حديث وخاص بمرحلتها العمرية ومفاجأتها به، دعوتها لحضور فيلم جديد حاز على جوائز ومناسب للمرحلة الانتقالية الجديدة...ألخ.

هيا نتحدث عن...
القصة، الرواية، المسلسل، الدعاية...ألخ عبارة عن فرصة ذهبية للتحاور والمناقشة الموضوعية. التعبير عن الآراء جزء لا يتجزأ من أساليب التنشئة التربوية الإيجابية. التعبير عن المشاعر نحو بطلة قصة أو لما جرى لها من أحداث وتجارب سلبية إيجابية مسألة تساعد الطرفين لمعرفة موقف وأحاسيس الآخر. معرفة الأفكار والأحاسيس الغامضة جزء من عملية توضيحية لفهم الآخر وما يجري له من تغيير آني. كل وسيلة يمكن أن تساعد على تفسير موقف كلا الطرفين حاجة ضرورية في مرحلة المراهقة وأسلوب تربوي وقائي. التهرب أو التعتيم لا يساعد المراهقة على التوفيق بين حالتها المرحلية والواقع بل يزيدها تشنجا، قلقا، خوفا وتوترا.

إن عنصر المخاوف التي يشعر بها كل طرف من المواضيع المناسبة في تلك المرحلة العمرية للتعبير عنها وللاصغاء للطرف الآخر. يستحسن التحدث مع المراهقة عما يخيف الأب عندما يشاهد مسلسل رومانسي بمشاركتها؟ ينصح بالتحدث عما يقلق الأم عندما تكتشف بأن ابنتها تتلهف على مشاهدة مسلسل رومانسي أو قراءة رواية عاطفية؟ كيف يمكن أن ينظر الأب إلى رواية كهذه؟...ألخ. بعد المكاشفة تعطى المراهقة فرصا للتعبير والتنفيس عن مشاعرها.

تحتاج المراهقة للاطمئنان العاطفي من طرف الأبوين

مهما حاول الأبوان تجميل أو تعديل تطرفهما أو التعتيم على قلقهمامخاوفهما بالنسبة لابنتهما المراهقة لا بد لها من أن تكشف تزييفه وذلك من خلال تعليقاتهما غير المباشرة على أحداث اجتماعية خارجية لها علاقة بعمر ابنتهما المراهقة. فتأثير الموضوعية والصراحة أقوى بكثير من الألاعيب أو الأساليب غير الحقيقية.

ولكن من المهم الاصغاء للمراهقة وفسح المجال لها أيضا بفتح مواضيع حديث تجعلها تشعر بحرية التعبير والتنفيس. في تلك المرحلة العاطفية المتقلبة تحتاج المراهقة لثبات أبوين محبين ومتقبلين لكل ما يجري لها من متغيرات. اطمئنانها العاطفي من طرفهما يجعلها تمر مرحلة مراهقتها بسلام وأمان.